يتوقع كامakshya Trivedi، رئيس قسم العملات الأجنبية وأسعار الفائدة والأسواق الناشئة في بنك جولدمان ساكس، أن الدولار الأمريكي قد دخل مرحلة هبوط طويلة الأمد. يأتي هذا التوقع في ظل تراجع متزامن لسندات الخزانة الأمريكية والأسهم الأمريكية، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى إعادة تقييم المخاطر والعوائد المرتبطة بالأصول المقومة بالدولار.
في تصريحاته خلال مقابلة أجريت يوم الثلاثاء، قال Trivedi: "أتوقع استمرار ضعف الدولار وتفاقم هذا الاتجاه مع مرور الوقت." وأشار إلى أن الدولار قد شهد حتى الآن انخفاضاً ملحوظاً أمام اليورو، لكنه يرى أن الين الياباني قد يكون العملة التالية التي تستفيد من هذا الضعف. وأوضح: "إذا بدأت البيانات الاقتصادية القوية في التراجع، فقد نشهد انتعاشاً في الين، وهو أصل ملاذ آمن بامتياز. في حال انهيار بيانات سوق العمل الأمريكية، قد يعود زوج العملات دولار/ين بسرعة إلى مستوى 130."
وأضاف Trivedi أن العملة التي ستقود الارتفاع أمام الدولار – سواء اليورو أو الين – ستحدد مسار الاتجاه، لكنه شدد على أن ضعف الدولار سيظل السمة الغالبة. وعندما سُئل عما إذا كان هذا الانخفاض سيصبح حالة دائمة، وصف Trivedi الوضع بأنه "هبوط طويل الأمد" ناتج عن تغيرات جذرية في الأسواق.
أوضح Trivedi أن التغيير الأساسي يكمن في التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، حيث يرى أن مخاطر الركود الاقتصادي مرتفعة بشكل غير عادي. وأشار إلى أن المستثمرين الأجانب يعيدون تقييم جاذبية الأصول الأمريكية، بما في ذلك الأسهم التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأرباح والاقتصاد. وقال: "الأمر الأكثر أهمية هو انهيار العلاقة التقليدية بين الأصول. بالنسبة لمستثمري سندات الخزانة الأمريكية الأجانب، كانت هذه الأصول جذابة لأنها توفر حماية عند انخفاض الأسهم. لكن عندما تفشل في تقديم هذه الحماية، يثير ذلك قلقاً كبيراً."
وأكد أن هذا التغيير يدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في المخاطر والعوائد المرتبطة بالأصول الأمريكية، مما يعزز توقعاته باستمرار هبوط الدولار.
في سياق متصل، يشهد الذهب ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، حيث سجل يوم الثلاثاء أعلى مستوى تاريخي له بعد التعديل حسب التضخم، متجاوزاً 3500 دولار للأونصة، ومحققاً الرقم القياسي الثامن والعشرين لهذا العام.
وعلق Trivedi قائلاً: "الذهب يرسل رسالة واضحة، وقد بدأ في ذلك منذ فترة. نشهد طلباً قوياً من البنوك المركزية، وهو مصدر رئيسي لهذا الطلب. هذا يعكس رغبة المستثمرين في تنويع استثماراتهم بعيداً عن الأصول المقومة بالدولار نحو أصول ملاذ آمن أخرى، والذهب واحد منها."
ومع ذلك، أشار إلى أن غياب بديل واضح للدولار يجعل من السابق لأوانه القول إن الدولار فقد مكانته كأصل ملاذ آمن. وقال: "لا يزال الدولار يهيمن على التدفقات التجارية العالمية، ومن المتوقع أن يستمر ذلك لفترة."
يوم الأربعاء، شهدت الأسواق الأمريكية انتعاشاً في الأسهم والدولار، بينما تراجعت أسعار الذهب بنسبة 2% خلال الجلسة الأوروبية. جاء ذلك بعد تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انتقاداته المتكررة لمحافظ الاحتياطي الفيدرالي بسبب عدم خفض أسعار الفائدة.
كما أعرب ترامب عن تفاؤله بإمكانية خفض التعريفات الجمركية على السلع الصينية بشكل كبير، مشيراً إلى أن أي اتفاق نهائي قد لا يشمل مستويات التعريفات الحالية. من جانبه، قال وزير الخزانة الأمريكي بيسنت إنه يتوقع تخفيف التوترات التجارية مع الصين، لكنه أكد أن المفاوضات مع بكين ستكون "عملية شاقة" ولم تبدأ بعد.
في 14 أبريل، رفع جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب بنهاية العام إلى 3700 دولار للأونصة، مقارنة بتوقعات سابقة عند 3300 دولار، مستنداً إلى طلب أقوى من المتوقع من البنوك المركزية وزيادة مخاطر الركود الاقتصادي التي عززت تدفقات صناديق الذهب المتداولة في البورصة (ETFs). وتتوقع الشركة أن يصل متوسط طلب البنوك المركزية الشهري على الذهب إلى 80 طناً، مقارنة بـ 70 طناً في التوقعات السابقة، وهو أعلى بكثير من المستوى الأساسي قبل عام 2022 (17 طناً شهرياً).
وأشارت التقارير إلى أن تدفقات صناديق الذهب المتداولة ارتفعت بشكل كبير بسبب مخاوف الركود الاقتصادي. ويرى اقتصاديو جولدمان ساكس أن احتمالية دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي خلال الـ 12 شهراً المقبلة تصل إلى 45%.
في سيناريو أكثر تفاؤلاً، إذا وصل متوسط مشتريات البنوك المركزية الشهرية إلى 100 طن، يتوقع جولدمان ساكس أن يصل سعر الذهب إلى 3810 دولارات للأونصة بحلول نهاية 2025. وفي حال حدوث ركود اقتصادي، قد تعود تدفقات صناديق الذهب المتداولة إلى مستويات فترة جائحة كورونا، مما قد يدفع أسعار الذهب إلى 3880 دولاراً بحلول نهاية العام.
وفي 7 أبريل، أوصى محللو جولدمان ساكس المستثمرين باستغلال أي تراجع في أسعار الذهب كفرصة للشراء، مؤكدين استمرار توصيتهم بالاستثمار في الذهب. وكتبوا في تقرير: "نحافظ على توقعاتنا لسعر الذهب عند 3300 دولار للأونصة بنهاية العام، مع نطاق توقعات يتراوح بين 3250 و3520 دولاراً، مع مخاطر تصاعدية محتملة."
يستمر الذهب في الاستفادة من الطلب الهيكلي من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، إلى جانب زيادة تدفقات صناديق الذهب المتداولة نتيجة مخاوف الركود وتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وأشار جولدمان ساكس إلى أن الذهب والمعادن الثمينة الأخرى لم تُدرج ضمن التعريفات الجمركية الجديدة، ولا يتوقع أن تفرض إدارة ترامب تعريفات عليها في المستقبل.
ويظل الذهب الأصل الأبرز في توقعات جولدمان ساكس، حيث يرى المحللون أن مزيجاً من المخاطر الاقتصادية الكلية ومراكز المستثمرين المنخفضة نسبياً يمهد الطريق لمزيد من الارتفاعات. وأكدوا: "نعتبر أي تراجع في أسعار الذهب فرصة للشراء، حيث يظل الذهب خياراً استثمارياً جذاباً في ظل الظروف الحالية."
مع دخول الدولار مرحلة هبوط طويل الأمد، يعيد المستثمرون الأجانب تقييم جاذبية الأصول الأمريكية في ظل مخاطر الركود الاقتصادي المتزايدة وتغيرات في العلاقات التقليدية بين الأصول. في الوقت نفسه، يواصل الذهب تسجيل مستويات قياسية، مدعوماً بالطلب القوي من البنوك المركزية وتدفقات صناديق الذهب المتداولة. ومع استمرار التحديات أمام الدولار في الحفاظ على مكانته كأصل ملاذ آمن، يظل الذهب خياراً جذاباً للمستثمرين الذين يسعون إلى تنويع محافظهم في ظل التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية.